السلطان العثماني “محمد الفاتح” صاحب البشارة النبوية وفاتح القسطنطينية قبل 567 عام

محمد الفاتح: السلطان صاحب البشارة، فاتح القسطنطينية
نداء تركيا – وكالات
صاحب البِشارة الملكُ المُجاهد والسُلطان الغازي أبي الفتح والمعالي مُحمَّد خان الثاني بن مُراد بن مُحمَّد العُثماني، المعروف بـ محمد الثاني، ولقبه الأشهر محمد الفاتح.
محمد الفاتح هو سابع سلاطين آل عُثمان وخامس من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ من بينهم بعد والده مُراد وجدُّه مُحمَّد الأوَّل وجدَّاه بايزيد ومُراد، وثاني من لُقِّب بِالـ “الثاني” من سلاطين آل عُثمان، وأوَّل من حمل لقب «قيصر الروم» من الحُكَّام المُسلمين عُمومًا والسلاطين العُثمانيين خُصوصًا.
يُلقب أيضًا بصاحب البشارة بين عموم المسلمين، بعد أن تحققت النبوءة النبوية بفتح القسطنطينية، بينما يُلقب بـ التركي الكبير أو إمبراطور الترك في أوروبا، وكلمة التركي هنا بمعنى المسلم، وسمي بذلك بعد انتصاراته العظيمة على الإمبراطورية المسيحية.

النبوءة النبوية المرتبطة بمحمد الفاتح
يؤمن غالبية المسلمين أن نبوءة النبي محمد صل الله عليه وسلم المتعلقة بفتح القسطنطينية متعلقة بالسلطان محمد الفاتح، فقد تحدث الرسول عن أمير من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح القسطنطينية ويدخلها ضمن ديار الإسلام، وقد قال فريق من شراح الحديث أن هذه النبوءة تحققت في محمد الفاتح.
وقد ذكر هذا الحديث الإمام البخاري في كتاب التاريخ الكبير نقلاً عن الصحابي بشر الغنوي، ورواه كذلك الإمام ابن عبد البر في كتاب «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» نقلاً عن الصحابي نفسه.
أما نص ذلك الحديث فهو: «حدثنا زيد بن الحباب، قال حدثني الوليد بن المغيرة المعافري، عن عبيد بن بشر الغنوي، عن أبيه، سمع النبي صل الله عليه وسلم يقول: “لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”».
وقد ورد هذا الحديث أيضًا في مسند أحمد بصيغة مختلفة بعض الشيء عن الصيغة السابقة، نقلا عن بشر بن ربيعة الخثعمي، ونصه: «حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، قال عبد الله بن أحمد: وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني الوليد بن المغيرة المعافري، قال: حدثني عبد الله بن بشر الخثعمي، عن أبيه أنه سمع النبي يقول: “لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش “. قال: فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني، فحدثته، فغزا القسطنطينية».
إقرأ أيضاً: تكيّة خاصكي سلطان.. معْلم تاريخي عثماني وملاذ الفقراء في القدس منذ قرون
وقد ضعف الشيخ شعيب الأرناؤوط هذا الحديث قائلًا أن إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن بشر الخثعمي، إذ انفرد بالرواية عنه الوليد بن المغيرة المعافري، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان.
ووافق عدد من العلماء هذا الرأي وفي مقدمتهم الإمام محمد ناصر الدين الألباني، الذي قال: «وجملة القول: إن الحديث لم يصح عندي؛ لعدم الاطمئنان إلى توثيق ابن حبان للغنوي هذا، وهو غير الخثعمي كما مال إليه العسقلاني، والله أعلم».
وقيل أن المراد بالحديث هو فتح القسطنطينية في آخر الزمان قبل خروج المسيح الدجال مباشرة، دون أن يعني ذلك الانتقاص من عمل محمد الفاتح أو شخصه أو عدم الاحتفاء بفتحه للقسطنطينية، فإن أعظم مناقبه ومناقب الدولة العثمانية -برأي جمهور العلماء- فتح عاصمة البيزنطيين، التي امتنعت عن كبار القادة الفاتحين، حتى ذللت لهذا السلطان.
نشأة السلطان محمد الفاتح
ولد السلطان محمد الفاتح في السابع والعشرين من رجب لسنة 835 هجريًا، الموافق ثلاثين من مارس لعام 1432 ميلاديًا. والده السلطان مراد الثاني، سابع سلاطين الدولة العثمانية.
نشأ محمد الفاتح في كنف أبيه السلطان مراد الثاني، حفظ القرآن وتعلم علوم الحديث والفقه، درس الرياضيات والفلك، وتعلم اللغات: العربية والفارسية واللاتينية واليونانية، كما تعلم الفروسية وأمور الحرب.
في صغره، شارك والده في حروبه وغزواته، وعهد إليه بإمارة “مغنيسيا” تحت إشراف مجموعة من كبار علماء عصره، مثل: الشيخ “آق شمس الدين”، و”المُلا الكوراني”، وذلك ليؤهله ليكون السلطان من بعده، ويغرس فيه مبادئه الإسلامية والثقافية والفكرية.
تولى محمد الفاتح السلطنة بعد وفاة أبيه في عام 855 هجريًا الموافق 1451 ميلاديًا، ثم بدأ التجهيز لفتح القسطنطينية، ليحقق الحلم الذي يراوده، وليكون هو محل البشارة النبوية.
فتح القسطنطينية
أحد أبرز الأحداث في تاريخ المسلمين، يوم سقطت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية أو “الرومانية الشرقية، أو الروم” في يد المسلمين ممثلين بالدولة العثمانية، بعد حصار دام عدة أسابيع، قاده السلطان الشاب محمد الفاتح.
قبل العهد العثماني، حاول المسلمون أن يفتحوا القسطنطينية عدة مرات، تنفيذُا لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم (عن أبى قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص، وسئل أي المدينتين تفتح أولاً: القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله r بكتب إذ سئل رسول الله: أي المدينتين تفتح أولاً: أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله: “مدينة هرقل تفتح أولاً”، يعني قسطنطينية).
لما تولى محمد الثاني الملك بعد أبيه لم يكن بآسيا الصغرى خارجًا عن سلطانه إلا جزء من بلاد القرمان وبعض مدن ساحل بحر البنطس (الأسود) وإمبراطورية طرابزون الرومية، وصارت الإمبراطورية البيزنطية قاصرة على مدينة القسطنطينية وضواحيها.
شجع العلماء الربانيون مثل أحمد بن إسماعيل الكوراني “معلم الفاتح”، وآق شمس الدين “الملهم الروحي للفتح” في تشجيع السلطان محمد الثاني على فتح القسطنطينية، ليتحقق نبوءة النبي محمد على يديه.
إقرأ أيضاً: هل سمعت باسم “المعمار سنان”.. قصّة الشاب الأرمني المسلم وأبرز ما تركه من معالم!
بدأ السلطان محمد الثاني بإعداد جيش ضخم مكون 250 ألف مقاتل، ثم صب مدافع ضخمة لم تشهد مثلها أوروبا، ثم أمر ببناء سفن جديدة في بحر مرمرة لكي تسد طريق “الدردنيل”، وشيّد على الجانب الأوروبي من “البوسفور” قلعة كبيرة عُرفت باسم قلعة “روملي حصار” لتتحكم في مضيق البوسفور، بالإضافة إلى إقامة الحصون والقلاع على أطراف القسطنطينية، ولم تفلح محاولات الامبراطور البيزنطي في ثنيه بالأموال ومعاهدات الصلح.
كان القسطنطينية محاطة بالمياه البحرية في ثلاث جبهات، مضيق البسفور، وبحر مرمرة ، والقرن الذهبي الذي كان محميًا بسلسلة ضخمة جدًا تتحكم في دخول السفن إليه، فقد عرفت بأنها أفضل مدن العالم من حيث التحصين، سواء بالتحصينات الطبيعية أو العسكرية.
تمكن السلطان محمد الثاني وجيشه من محاصرة القسطنطينية، من 5 نيسان (أبريل) حتّى 29 أيَّار (مايو) سنة 1453م، ثم انهارت دفاعات الروم، وتمكن المسلمين من فتح القسطنطينية في واحدة من العمليات العسكرية النادرة في التاريخ، وقد لُقب السلطان “محمد الثاني” من وقتها بـ محمد الفاتح وغلب عليه، فصار لا يُعرف إلا به.