رجال من نور 7.. عبد الحميد الثاني قصة السلطان الذي لم يتنازل عن أي شبر من الأراضي الفلسطينية

رجال من نور 7.. عبد الحميد الثاني قصة السلطان الذي لم يتنازل عن أي شبر من الأراضي الفلسطينية
نداء تركيا – ترجمة
عبد الحميد الثاني، هو السلطان الرابع والثلاثون للخلافة العثمانية، والخليفة الإسلامي الثالث عشر بعد المئة، والذي خدم 33 عاماً على عرش الإمبراطورية العثمانية.
اعتلى عبد الحميد الثاني، عرش الدولة العثمانية في فترة الكـ.سـ.اد، واتبع سياسات متوازنة مع الغرب وسياسات إسلامية مع الشرق وعزز النظام الملكي داخل البلاد.
صادف يوم أمس الاثنين، الذكرى الـ 178 على ولادة السلطان العثماني، وسنتعرف في هذا التقرير على سيرة حياة عبد الحميد الثاني، حسبما ترجم نداء تركيا عن الموسوعة الإسلامية للأوقاف التركية.

من هو السلطان عبد الحميد؟
ولد السلطان عبد الحميد في 21 سبتمبر/ أيلول عام 1842، ولأنه فـ.قـ.د والدته تييريموجغان كادينيفيندي، في الحادي عشر من عمره، تربى على يد امرأة لا أولاد لها بأمر من والده.
تعلم عبد الحميد اللغة التركية و الفارسية والعربية والفرنسية وعلوم أخرى كالتاريخ العثماني والموسيقا على أيدي أهم أساتذة عصره.
حُكم عليه بالوحدة، بسبب حرمانه من حب والدته، ومشاعر والده الباردة اتجاهه، ولأنه كان مرشحاً بعيداً عن العرش لم يلقى اهتماماً كبيراً من محيط القصر.
لم يحب أهل القصر وشيوخ الدولة الأمير عبد الحميد الذي كان ذكياً، لكنه لا يعبّر عن أفكاره وقناعاته. لهذا السبب، وتمكن الأمير الذكي، الذي ظل بعيداً عن الجميع، الاقتراب من السلطان عبد العزيز بمساعدة برتيفنيال خانم، وبسبب ذكائه وقدرته السياسية، سمح له عمه عبد العزيز بالنمو في بيئة حرة، واصطحبه في رحلاته إلى مصر وأوروبا.
عاش عبد الحميد، هناك حياة حرة تماماً، حيث عمل في الحفر، وتربية الأغنام، وتشغيل المناجم وكسب المال من خلال المشاركة في أنشطة البورصة، وعندما اعتلى العرش، قيل إن ثروته تجاوزت 100،000 ذهبة.
وصول عبد الحميد إلى العرش
وصل عبد الحميد إلى العرش في 31 أغسطس/ آب 1876، خلفاً لأخيه مراد الخامس، في فترة مضـ.ـطربة ومليئة بالتحـ.ـديات كانت تعيشها الدولة العثمانية.
في تلك المرحلة، كانت الدولة العثمانية، تمر بأشد أيامها كساداً، كما كانت تواجه تمـ.ـردات ومعارك في صربيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك وبلغاريا، وذلك بتحـ.ـريض من روسيا التي كانت تنظر حل “القضية الشرقية”.
في ظل هذه الظروف، بدأ عبد الحميد بإظهار حسن النية، وخلال وقت قصير فاز بقلوب الجيش والشعب، ببعض الحركات التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ العثماني.
وعلى سبيل المثال، دعا للوحدة الوطنية، وذهب إلى حوض بناء السفن وجلس مع البحارة وتناول الطعام معهم، وزار جـ.ـرحى جبهات البلقان جميعاً في مستشفى حيدر باشا ووزع عليهم الهدايا، إلى جانب ذلك، زار المساجد مع الصدر الأعظم ووزراء آخرين وصلى بين الناس.
أثارت لفتات مماثلة للسلطان الجديد رضا الناس وأفراد الجيش، كان هناك تحسن في الروح المعنوية لدى الجميع ، وخاصة في الجيش.
أول دستور للدولة العثمانية
وبعد الإنذار الروسي بإنهاء الحرب على الفور، تم توقيع وقف إطـ.ـلاق النـ.ـار لمدة ثلاثة أشهر مع صربيا، وأرادت بريطانيا تناول “القضية الشرقية” في مؤتمر يعقد في اسطنبول.
في غضون ذلك، نشأ الخلاف الأول بين السلطان والحكومة،واكتشف السلطان العثماني مؤامرات لاغتياله إلى جانب مدحت باشا وأصدقائه، كانت تحكيها جماعة لا تريد السلام مع الصرب.
ونتيجة لذلك، اعتقل 400 شخص، وشُكلت لجنة لإعداد الدستور، الذي أعلن اجتماع للدول التي قبلت العرض البريطاني في إسطنبول، بمئة مـ.ـدفع، وكان “القانون الأساسي” أول دستور للدولة العثمانية.
كان الهدف من هذا الدستور هو ردع المطالب المفرطة للدول الغربية، التي لم تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، وقدمت مقترحاتها التي كانت تهـ.ـدد استقلال الدولة العثمانية، والتي سبق أن أعدتها في السفارة الروسية، إلى الباب العالي لقبولها، حيث تم رفضها.
وبعد محاولة ثانية من خلال مؤتمر لندن الذي عُقد في 31 مارس 1877، باءت روسيا بالفشل وأعلنت الحـ.ـرب رسمياً على الدولة العثمانية في 24 أبريل من العام ذاته، ووقفت رومانيا وصربيا والجبل الأسود وبلغاريا إلى جانبها.
وبسبب الظروف الصعـ.ـبة في تلك المرحلة، اضـ.ـطرت الدولة العثمانية إلى قبول العديد من المعاهدات لإنهاء الحـ.ـرب مع روسيا ودفع التعويضات لها عن سنوات الحـ.ـرب.
إضافة إلى ذلك، تم توقيع معاهدة مع المملكة المتحدة لتسليمها إدارة قبرص بشكل مؤقت، بعد رفض كبير من السلطان العثماني، وفرض الحكومة سياسة الأمر الواقع.
وفيما بعد، خـ.ـسرت الدولة العثمانية، عدداً من مناطقها، كالبوسنة والهرسك ومصر وتونس والمقاطعة الرومية الشرقية.
سياسة عبد الحميد الخارجية
بحث السلطان العثماني عن أسباب الأحداث في السياسات الخاطئة التي طبقت، ووجد أن دولته لا تمتلك سياسة خارجية محددة، وأنها لم تتابع التوازنات الجديدة الناشئة في أوروبا.
ووصل إلى أن الدبلوماسيين الأتراك، كانوا في الغالب تحت تأثير الدبلوماسيين الأجانب، وساهموا في تحقيق مصالحهم من خلال التخلي عن المصالح العليا للدولة، مما أدى إلى انخفاض السمعة الخارجية للدولة إلى الصفر، وتعرضها إلى معاملة مهـ.ـينة في مؤتمري إسطنبول وبرلين.
جمع السلطان العثماني فيما بعد، إدارات دولته في قصر يلدز، كما اتبع نهجاً حازماً في حكم البلاد، وأسس جهاز استخبارات يلدز القوي.
وأقام عبد الحميد، سياسته الخارجية على الاستفادة من المنافسة بين القوى العظمى، مع معرفته أنه لا يمكن الحفاظ على استقلال البلاد لفترة طويلة من خلالها، إلا أن هدفه الرئيسي كان توفير الوقت وإجراء الإصلاحات اللازمة لتطوير الدولة اقتصادياً خلال هذا الوقت.
وقع السلطان عبد الحميد على الكثير من الإنجازات الهامة، في المجالات العسكرية و الاقتصادية والتعليمية، ودعم خزينة الدولة من ماله الخاص، كما خفّض مصاريف القصر إلى الحد الأدنى.

التطورات في عهد عبد الحميد الثاني
على الصعيد التعليمي
وعلى صعيد التعليم، افتتح عبد الحميد المعاهد التعليمية لتنشئة معلمين خبراء ومؤهلين، منها، معاهد الحقوق، الهندسة، المالية، التجارة، الغابات والمعادن، دار الصناعة للإناث، وكليات الفنون و الآداب وغيرها الكثير.
أنشأ عبد الحميد، الذي رفع المستوى الثقافي في البلاد، مؤسسات ثقافية مثل، متحف الآثار، والمتحف العسكري ومكتبة بايزيد العمومية، وأرشيف ومكتبة يلدز. كما تم خلال هذه الفترة إعداد الفهارس الأولى لتحديد مخزون الكتب في مكتبات المؤسسات في الدولة العثمانية.
وعلى الرغم من وجود رقابة صـ.ـارمة، إلا أن عدد الكتب والمجلات والصحف زاد بشكل كبير، حيث كان السلطان العثماني يدعم عملية النشر شخصياً.
وأعد عبد الحميد أيضاً مجموعة ألبومات قيّمة جداً تحتوي على صور مهمة لمختلف مدن البلاد، وخاصة إسطنبول، و تشكل هذه الألبومات جزءاً مهماً من مكتبة جامعة إسطنبول اليوم.
في المجال الصحي
وفي مجال الصحة، تُرجمت مناهج التدريس في الطب من الفرنسية إلى التركية، ويعد مستشفى حيدر باشا ومستشفى شيشلي للأطفال، الذي بناه بأمواله الخاصة، ودار العجز، التي قام بتغطية بعض نفقاتها من جيبه، من الإنجازات المهمة التي تمت على هذا الصعيد.
وفي عهد عبد الحميد، تم افتتاح غرف التجارة والزراعة والصناعة في جميع أنحاء البلاد، وتحققت الكثير من الإنجازات، كإنشاء السكك الحديدية والطرق، إضافة إلى مؤسسة “تحرير النفوس” التي كانت تعنى بتحديد القوى العاملة والأصول في الدولة كل عام.

في المجال العسكري
وفي المجال العسكري، استفاد من الخبراء الألمان في تدريب ضباطه، ورفع عدد المدارس العسكرية، وسـ.ـلّح الجيش بأسـ.ـلحة جديدة.
وسن السلطان العثماني، قوانين جنـ.ـائية وتجارية جديدة، ونظم جهاز الشرطة وفقاً للمعايير الغربية، كما أنشأ صندوق التقاعد للموظفين.
إلى جانب ذلك، سعى عبد الحميد، إلى نشر الإسلام في مختلف المناطق حول العالم، وأولى قضية فلسطين اهتماماً خاصاً، حيث رفض عرضاً للصهاينة بدفع ديون الدولة العثمانية مقابل إقامة دولة لهم في فلسطين، واتخذ عدداً من الإجراءات لمـ.ـنع هجرة اليهود واستيطانهم في فلسطين.
نهاية عهد عبد الحميد
ازدادت الاضـ.ـطرابات في العديد من مناطق الدولة العثماني، وبدأ عصـ.ـيان إسطنبول في 13 أبريل/ نيسان 1909، وحصلت فيه أحداث دمـ.ـوية استمرت 11 يوماً.
وصل الجيش العثماني، الذي كان متواجداً في سلانيك، ليلة 23 أبريل/ نيسان، لإخماد العـ.ـصيان، وحصل خلاف بين الجيش الموالي للسلطان العثماني وجيش سلانيك، حيث رفض عبد الحميد، عملية التصـ.ـدي قائلاً: ” بصفتي خليفة للمسلمين لن أسمح بالإيقاع بينهم”.
أنهى البرلمان العثماني، سلطنة عبد الحميد في 27 أبريل/ نيسان 1909، وتم نفـ.ـيه إلى قصر “إلاتيني” في سلانيك مع عائلته، وفي 1912 عاد إلى إسطنبول وأمضى بقية حياته فيها.
توفـ.ـي عبد الحميد الثاني في 10 فبراير/ شباط 1918، وأقيمت له مراسم تأبين خاصة بالسلاطين، ودفـ.ـن في مقبرة السلطان محمود الثاني في إسطنبول، بعد يوم من وفـ.ـاته.
وبحسب المصادر، فـ.ـقـ.ـد تزوج السلطان العثماني بـ 13 امرأة، وله سبعة عشر من الأبناء، تسع بنات وثمانية أولاد.