حينما رفضّ القاضي شهادة السلطان.. قصة رائعة من التاريخ العثماني تبيّن مكانة العلماء في الدولة العليّة

حينما رفضّ القاضي شهادة السلطان.. قصة رائعة من التاريخ العثماني تبيّن مكانة العلماء في الدولة العليّة

نداء تركيا – فريق التحرير

تمثّل قصة العالم “شمس الدين الفناري” مع السلطان العثماني “بايزيد الأول” الملقب بـ”الصاعقة” رداً بليغاً على من يزعمون بأن علماء الدولة العثمانية كانوا تَبَعاً للسلاطين وأدوات في أيديهم.

ولا ريب أن في التاريخ العثماني نماذج من العلماء السائرين مع هوى السلاطين، لكن هؤلاء لا يشكلون النسبة الأكبر.

فقد كان لعلماء الشريعة، بحسب مقال لوكالة “الأناضول”، في كثير من حقب التاريخ العثماني، قيمتهم وهيبتهم لدى الدولة، واستقلاليتهم عن السلطان.

شمس الدين الفناري

وقبل الخوض في تفاصيل القصة يجدر الذكر بأن العالم “شمس الدين الفناري” كان ذا شهرة واسعة في السلطنة العثمانية آنذاك.

تولى “الفناري” قضاء بورصا (التي كانت عاصمة السلطنة وقتئذ) وارتفع قدره عند السلطان العثماني، وصار في مرتبة الوزير.

كما كان للإمام المذكور محبة كبيرة في قلوب الناس الذين كانوا يحاولون التقرب منه، ويزدحمون على بابه يوم الجمعة إذا خرج إلى الصلاة.

أشهر سلاطين الدولة

في حين أن السلطان “بايزيد الأول” هو من أشهر سلاطين الدولة العثمانية، وصاحب فتوحات وانتصارات عظيمة على الصليبيين.

ومن أبرز هذه الانتصارات معـ.ركة “نيكوبولوس” التي حشد لها البابا “بونيفاس التاسع” لطــ.رد المسلمين من أوروبا.

حيث انتصر “بايزيد” وجيشه على تحالف صليبي مكون من 15 دولة أوروبية، انتصاراً ساحقــ.اً، في المعـ.ركة التي حصلت عام 1396.

دون عذر شرعي

وفي أحد الأيام، دخل هذا السلطان الكبير على القاضي “الفناري” للإدلاء بشهادته في قضية معينة، ووقف أمامه كأي شخص عادي.

لكن “الفناري” نظر إليه وقال: “إن شهادتك لا يمكن قبولها، لأنك لا تؤدي صلواتك جماعة”.

وأضاف: “والشخص الذي لا يؤدي صلاته في جماعة دون عذر شرعي يمكن أن يكذب في شهادته”.

انتصارات كبيرة

ورغم ما يمكن أن تحمل هذه الكلمات من أثر نفسي في قلب السلطان الذي حقق انتصارات كبيرة على الأعداء، إلا أنه لم يتخذ أي إجراء تجاه العالم “الفناري”.

بل على العكس، ترك “بايزيد” مجلس القضاء، وأمر في اليوم نفسه، ببناء جامع ملاصق لقصره ليؤدي فيه صلاة الجماعة.

وهذه القصة ذكرها عديد المؤرخين، مثل “عثمان نزار” في كتابه “حديقة السلاطين”، والمؤرخ التركي المعاصر “أحمد آق كوندوز”.

رواية تاريخية

وتدل هذه الحادثة على أمور عظيمة، أهمها مبدأ الفصل بين السلطات الذي يظهر بشكل قوي في هذه الرواية التاريخية.

وهذا المبدأ تفتقر إليه معظم الدول اليوم، ما يجعل القضاء غير مستقلاً، ويصبح إلى جانب الحاكم.

وأخيراً، يقول المؤرخ العراقي “أورخان غازي”: “عندما كان المسلمون يملكون أمثال هؤلاء العلماء ملكوا أمثال هؤلاء السلاطين”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق